عاجل

image

فادي ابراهيم...إنه المشهد الاخير!

انها الدولة التي لا تحترم الفن ولا الفنانين، وتحكمها منظومة اللصوص والمافيات، اما شركاء تلك المنظومة  من نافذين ومنتفعين واصحاب ثروات تافهين فهم لا يختلفون عن تلك الدولة واسيادها الذين لا يرف لهم جفن لما يحصل من اذلال واهانة لكبار الفنانين الذين يموتون حسرة وقهرا في بلد لا يُقدر الكبار والابداع بل يخضع فيه الاكثرية الساحقة من شعبه صاغرين لمن اوصل لبنان الى قعر نحر الانسانية  والقيم الاخلاقية السامية.

واذا سلمنا جدلا بأن نقابة الفنانين قدراتها محدودة، والدولة المنهوبة مفلسة، لكن اين كبار الاغنياء من سياسيين وفنانين واصحاب  المؤسسات الاعلامية والفنية والاجتماعية والمنتجين من تقديم المساعدة والعون لفنان مريض يعاني في آخر أيامه.

ألهذه الدرجة اصبح الانسان والفن والفنانين والابداع رخيصا في قواميس هؤلاء الطواويس الفارغين ، وهل ان تقديم المساعدة المحقة الى فنان محتاج تتطلب مناشدة او عزيمة ، ام ان العطاء يجب ان يكون عفويا انسانيا على نسق العطاء الذي تحدث عنه الكبير جبران خليل جبران.

 يرحل الفنان فادي ابراهيم غنيا بفنه وابداعه وبما قدمه للفن من رقي وتألق غير آبه بعوز او فقر او عجز في تحمل تكاليف الاعباء الاستشفائية والطبية،  لينتصر بسلام على كل هؤلاء الوحوش من محدثي النعمة الذي يعبدون المال بعد ان تحولوا الى جيّف خالية من الاحساس والروح، وما قيمة الانسان عندما يصبح دون احساس او روح.

واذا كان الشيء بالشيء يذكر،  كيف يمكن لبلد ان  يتأمل بإصلاح من اصحاب المافيا نفسها، او ان يصدق من يتبجح  عن القوة والصمود والقدرة على مواجهة العدو والحاق الهزيمة الساحقة به، فيما هذا البلد بمنظومته وتركيبته السياسية والاجتماعية عاجزون بالتكافل والتضامن عن تكريم فنان كبير مثل فادي ابراهيم وغيره من الكبار الفنانين الذين يموتون قهرا وحسرة دون تقدير ليس عبر الجوائز والاحتفالات المبهرجة بل من خلال العيش بالحد الادنى من الحياة الكريمة و اللائقة في آخر ايامهم.

أخيرا، اذا كنا نريد ان نبحر في أفاق الفن ومشاهده السريالية البعيدة، يبدو وكأن هؤلاء الكبار ارادوا  برحيلهم المحزن والمفجع ان يقدموا المشهد الاخير بمسيرتهم الفنية المشرقة ، وهو المشهد الذي يعري صورة  تلك المنظومة السياسية والاجتماعية وكل شعاراتهم والخادعة والكاذبة والماكرة المخجلة و المهزومة اصلا قبل ان يهزمها الحاضر والمستقبل والتاريخ.

  • شارك الخبر: