مؤلَّف الدكتور وليد أبو خير الصادر عن دار الأنام: قراءة متعمقة في الفكر والنضال الاقتصادي والاجتماعي لحزب كمال جنبلاط
يشكّل المؤلَّف الجديد للدكتور وليد كامل أبو خير محطة فكرية نوعية في دراسة الاقتصاد السياسي وتاريخ النضال الاجتماعي للحزب التقدمي الاشتراكي. فالكتابان لا يقدّمان مادة أرشيفية وحسب، بل يطرحان إطارًا بحثيًا جريئًا يعيد إحياء النقاش حول هوية الاقتصاد اللبناني ووجهته المستقبلية في زمن تتسع فيه فجوات النظام الرأسمالي وتشتد أزماته.
الكتاب الأول، الذي يتناول الفكر الاقتصادي في النص الفلسفي لميثاق الحزب، يقدّم قراءة تحليلية دقيقة تربط بين الاقتصاد والإنسان، وفق مقاربة تقترب من جوهر المشروع الجنبلاطي الذي أعاد تعريف الاشتراكية بوصفها منظومة للكرامة والعدالة والإنتاج. أما الكتاب الثاني، فيوثّق بعين نقدية سبعين عامًا من النضال الاقتصادي–الاجتماعي للحزب، نجاحًا وإخفاقًا، محاولًا رصد التجربة ضمن واقع لبناني تحكمه بنية رأسمالية خانقة.
ويبرز في العرض أن الكتابين "ليسَا مجرد سرد لتاريخ أو أفكار، بل دعوة مفتوحة للعمل الفكري والسياسي، والعودة إلى السؤال الجوهري: كيف نصنع اقتصادًا يحرّر الإنسان بدل أن يقيّده؟”. كما تتضح القيمة المعرفية التي يضيفها أبو خير من خلال إحيائه لنماذج فكرية عربية ككمال جنبلاط والعلايلي وسعيد حمادة، إلى جانب مقاربات سميث وكينز وماركس وفريدمان.
أما الدكتور أبو خير، فيقدّم رؤية نقدية شجاعة حول سقوط المنظومة الاشتراكية وصعود الرأسمالية المتوحّشة، ليعود ويربط الاشتراكية الجنبلاطية بالإنسان أوّلًا، وبالإنتاج والعمل قبل رأس المال والآلة، معتبرًا أن الحزب يمثّل "نظام تفكير للحياة" أكثر مما هو تنظيم سياسي.
وعليه أن عمل الكاتب القيّم، يمثّل مساهمة رصينة في تجديد النقاش حول إمكانيّة طرح الاشتراكية خيارًا لاقتصاد لبنان، في ضوء تعثّر النموذج الليبرالي، وفي ظل حاجة البلد إلى رؤية اقتصادية–اجتماعية عادلة وإنسانية.إنه مؤلَّف يستحق القراءة والتأمل، ويعيد الاعتبار لفكر كمال جنبلاط كأحد أهم من حاولوا “أنسنة” الاقتصاد وتحويله إلى مشروع للتحرر والعدالة.
تقدير خاص لدار الأنام للطباعة والنشر
كل التقدير لدار الأنام على اهتمامها بإصدار هذا العمل البحثي المميّز، وإتاحته للقارئ العربي بصياغة أكاديمية راقية تعكس أهمية الموضوع وحساسيته الفكرية. استمرار مثل هذه الدور في رعاية المؤلفات الجادّة يثري المكتبة اللبنانية والعربية على حدّ سواء، ويفتح الباب أمام مزيد من الدراسات في الفكر السياسي والاقتصاد الاجتماعي.
- شارك الخبر:
