بين رسائل التهدئة وحسابات التصعيد: هل تتأثر زيارة البابا إلى لبنان؟!
تستبعد مصادر مطّلعة أن تتأثر الزيارة المرتقبة للبابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان بموجة التصعيد الإقليمي، مؤكدة أن إسرائيل ستضطر على الأرجح إلى خفض وتيرة عملياتها خلال الأيام الثلاثة التي سيقضيها البابا في لبنان، ليس من باب الحرص على التهدئة، بل خشية الإحراج أمام واشنطن والمجتمع الدولي. فالمصادر ترجّح أن تلجأ تل أبيب إلى «تهدئة موضعية» فقط في المناطق التي لن تشملها الزيارة، فيما ستواصل عملياتها في بقية الجبهات من دون تردد، بما يعكس ازدواجية في الحسابات بين الضرورات العسكرية والضغوط الدبلوماسية.
وفي مقابل ذلك، تشير الأوساط نفسها إلى أن احتمال ردّ "حزب الله" على الاعتداءات الإسرائيلية يبقى محصورًا بسقف القرار الإيراني، الذي يبدو حريصًا على عدم تحويل لبنان إلى منصة ردّ، تفاديًا لمنح إسرائيل الذريعة التي تنتظرها لتوسيع نطاق الحرب. وتؤكد المصادر أنّ أي ردّ إيراني—إذا قررت طهران تنفيذ رد—لن يأتي من الأراضي اللبنانية، بل سيكون عبر ساحات أخرى تُتيح لها إيصال الرسالة من دون تفجير الوضع في الجنوب.
أما على مستوى التحركات الأميركية، فتؤكد المعلومات أنّ واشنطن لم تنسحب من المشهد، بل أبلغت الدولة اللبنانية بشكل مباشر وواضح ما تريده: نزع سلاح "حزب الله" والدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل. إلا أنّ السلطات اللبنانية تلقفت جزءًا من الرسالة فقط، أي الدعوة إلى «التفاوض»، لتبدأ بطرح الشروط، فيما تجاهلت المطلب الأساسي المتعلق بسلاح الحزب، ما أدى إلى انسداد سياسي كامل.
وبحسب القراءات الدبلوماسية، فإن هذا الانسداد قد يدفع واشنطن إلى التفكير في خيارات أكثر فاعلية، بما في ذلك ترك المجال أمام إسرائيل لتوسيع ضرباتها بهدف خلق واقع جديد يفرض تسوية قسرية. وهذا الاحتمال، إن حصل، سيجعل الساحة اللبنانية أمام مرحلة حساسة قد تُستخدم فيها القوة العسكرية كأداة لفرض حلّ طال انتظار المجتمع الدولي له.
وفي ظل هذه الوقائع المتشابكة، تصبح زيارة البابا حدثًا رمزيًا كبيرًا، لكنه يمرّ فوق أرض سياسية شديدة التقلّب، حيث تتحرك القوى الدولية والإقليمية وفق حسابات تتجاوز بكثير حدود الرسائل الروحية التي تحملها الزيارة.
- شارك الخبر:
