بين إنذار القاهرة ومناشدة النجف: أمن لبنان والطائفة الشيعية في مرمى الخطر المزدوج!
يشهد المشهد اللبناني تقاطعاً ضاغطاً بين التهديد العسكري الإسرائيلي الجاثم والتحركات الدبلوماسية الإقليمية غير المسبوقة، بالتوازي مع تحذيرات داخلية شيعية ذات ثقل روحي وسياسي. هذا التلاقي للعواصف يضع قرار سلاح "حزب الله" في عين العاصفة، ويدفع لبنان بأكمله إلى ما يمكن تسميته بـ "مرحلة الأزمة الفائقة".
الرسالة المصرية: "الحل السياسي أو الحل العسكري"
تُشكل جولة وزير الخارجية المصري على المسؤولين اللبنانيين غداً مؤشراً على تصعيد إقليمي في محاولات احتواء التوتر. فحوى الرسالة، وفقاً للمعلومات الواردة، واضحة ومباشرة: "حلوا مسألة سلاح حزب الله وإلا فإن إسرائيل ستتولى حل المسألة".
إنذار إقليمي: هذه الرسالة المصرية ليست مجرد تحذير، بل هي إنذار استراتيجي ينقل قلقاً دولياً وإقليمياً عميقاً من احتمال حرب واسعة قد تتجاوز حدود لبنان وتطال المنطقة بأسرها.
سقف التهديد الأعلى: تزامن هذه الرسالة مع العدوان الأخير على الضاحية يؤكد أن سقف التهديد الإسرائيلي ارتفع ليشمل استهداف العمق اللبناني. الموقف المصري هنا يضع القيادات اللبنانية، بمن فيهم "حزب الله"، أمام خيار صعب: إما الانخراط في عملية سياسية لإعادة ترسيم الدور العسكري للحزب (الحل السياسي)، أو مواجهة تصعيد إسرائيلي لا يمكن ضمان عواقبه (الحل العسكري).
المناشدة الشيعية: رسالة السيستاني إلى خامنئي
الأبعاد الأكثر حساسية في هذا المشهد تتمثل في الرسالة التي بعث بها المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العراق، السيد علي السيستاني، إلى المرشد الأعلى في إيران، السيد علي خامنئي.
دقة المرحلة للطائفة: تحذير السيستاني من "دقة المرحلة التي يمر بها شيعة لبنان" ومطالبته بـ "إخراجهم من دائرة الحرب والخطر" يمثل تدخلاً روحياً وسياسياً استثنائياً. هذا التدخل لا ينبع فقط من القلق على أمن الطائفة، بل يمثل ضغطاً من مرجعية شيعية تاريخية على القرار السياسي والديني الإيراني.
مراجعة الحسابات: مناشدة السيستاني تضع قرار استمرار "الحرب العبثية" في ميزان المصلحة الشيعية العليا في لبنان. فهل يرى خامنئي أن المصلحة الإيرانية في الاستمرار بالحرب والمتمثلة في الحفاظ على ورقة الردع والوكالة تفوق مصلحة الحفاظ على نسيج الطائفة وأمنها في لبنان؟
إن السيستاني يطالب فعلياً بإعادة فصل قرار الحرب والسلام عن الأجندة الإقليمية الإيرانية والتعامل معه من منظور "الخطر المحدق" باللبنانيين الشيعة أنفسهم، مما يشكل حرجاً كبيراً على طهران.
الخيار الصعب: المصالح أم البقاء؟
في نهاية المطاف، فإن الموقف اللبناني بأسره معلق على ما سيؤول إليه التفاعل بين الضغط الإقليمي (الرسالة المصرية)، والضغط الداخلي-المذهبي (رسالة السيستاني)، والقرار الاستراتيجي الإيراني حول ما إذا كان الوقت قد حان لتجميد أو تقليص الدور العسكري لـ"حزب الله" حقناً للدماء، أو الاستمرار في استراتيجية المواجهة المفتوحة على الرغم من ارتفاع الكلفة على لبنان وشعبه عموما وعلى الطائفة الشيعية المهددة بوجودها ومصيرها ومستقبل ابنائها.
- شارك الخبر:
