عاجل

image

تموضع أوروبي-أميركي جديد: دعم الأمن الداخلي وإعادة الاعتبار للجيش

تتجه الاستراتيجية الأوروبية نحو لبنان لتحقيق تحول نوعي، بالانتقال من الدعم التقليدي للجيش إلى تعزيز قوى الأمن الداخلي بشكل ممنهج. وثيقة الاتحاد الأوروبي الداخلية تكشف خطة طويلة الأمد تهدف إلى تمكين الأجهزة الأمنية الداخلية من تحمل مهام أوسع، مما يُحرر الجيش جزئياً من أعباء الأمن الداخلي. هذا التوجه لا يعكس فقط رغبة أوروبية في استقرار لبنان، بل أيضاً سعياً غير مباشر لإتاحة المجال أمام الجيش اللبناني ليكون أكثر استعداداً للتعامل مع التحدي الأبرز في نظرهم: نزع سلاح "حزب الله"، وذلك ضمن سياق انتقالي مرتبط بانتهاء تفويض اليونيفيل نهاية 2026.

على الخط المتوازي، تُظهر المواقف الأميركية تحولاً إيجابياً وحذراً تجاه المؤسسة العسكرية اللبنانية، بعد فترة من التباعد. إشارات السفير الأميركي إلى إعادة تفعيل زيارة قائد الجيش إلى واشنطن تؤكد أن الدعم الأميركي لم يتوقف، بل يعاد تنظيمه ضمن المعادلة الثابتة لدعم "سلاح الدولة الشرعي الوحيد". هذا الانفتاح يعيد الجيش إلى صدارة الحوار الاستراتيجي، ويمثل محاولة لموازنة الدور الأوروبي المتنامي تجاه الأمن الداخلي، مع التأكيد على الدور الدفاعي الأساسي للجيش.

يُشكل التحركان الأوروبي والأميركي، وإن اختلفت أدواتهما، استراتيجية غربية متماسكة تهدف إلى إعادة هيكلة منظومة الأمن اللبناني. ترمي هذه الاستراتيجية إلى بناء توازن جديد: قوى أمن داخلي مدعومة أوروبياً لضمان الاستقرار الداخلي، وجيش مدعوم أمريكياً للتركيز على السيادة والدفاع، بما في ذلك الملفات العالقة كتفكيك سلاح "حزب الله" والتفاوض على الحدود. هذا الفصل الوظيفي المدعوم دولياً يسعى لخلق واقع أمني أكثر انضباطاً وتخصصاً.

ختاماً، إن هذا التموضع الدولي يحمل رسائل متعددة للفاعلين اللبنانيين. فهو من جهة يحاول دفع الدولة نحو استعادة واحتكار أدوارها الأمنية، ومن جهة أخرى يضع إطاراً زمنياً مرتبطاً بانتهاء مهمة اليونيفيل. النجاح مرهون بقدرة السلطة اللبنانية على توحيد رؤيتها واستغلال هذا الدعم لتعزيز مؤسساتها، دون أن يتحول إلى عامل مزيد من الانقسام أو التأجيل في معالجة الملفات الشائكة التي تنتظر حلاً وطنياً خالصاً.

  • شارك الخبر: